الصفحة الرئيسية
>
قــصـــة
سهل بن عبد الله التستري
هو أحد أئمة القوم، ولم يكن له في وقته نظير في المعاملات والورع.
وكان صاحب كرامات، لقي ذا النون المصري بمكة سنة خروجه إلى الحج.
قال سهل: كنت ابن ثلاث سنين وكنت أقوم بالليل أنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار فقال لي خالي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك؟ فقلت: كيف أذكره فقال لي: قل بقلبك عند تقلُّبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرِّك به لسانك: الله معي الله ناظرٌ إليَّ الله شاهد عليَّ.
فقلت ذلك ثلاث ليال ثم أعلمته فقال لي: قل في كل ليلة سبع مرات. فقلت ذلك ثم أعلمته فقال: قل في كل ليلة إحدى عشرةَ مرَّة فقلت ذلك فوقع في قلبي له حلاوة.
فلما كان بعد سنة قال لي خالي: احفظ ما علَّمتك ودُم عليه إلى أن تدخل القبر فإِنه ينفعك في الدنيا والآخرة. فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لها حلاوة في سرِّي.
ثم قال لي خالي يوماً: يا سهل من كان الله معه وهو ناظر إليه وشاهدُه أيعصيه؟ إيَّاك والمعصية.
إني لأخشى أن يتفرق عليَّ همِّي ولكن شارطوا المعلِّم: أني أذهب إليه ساعة فأَتعلّم ثم أرجع.
فمضيت إلى الكتَّاب وحفظتُ القرآن وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين وكنت أصوم الدهر وقوتي خبز الشعير إلى أن بلغت اثنتي عشرة سنة فوقعت لي مسألة وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فسألت أهلي أن يبعثوني إلى البصرة أسأل عنها فجئت البصرة وسألت علماءها فلم يشف أحد منهم عني شيئاً!! فخرجت إلى عبادان إلى رجل يُعرف بأبي حبيب حمزة بن عبد الله العباداني فسألته عنها فأجابني. وأقمت عنده مدَّة أنتفع بكلامه وأتأدب بآدابه ثم رجعت إلي "تُستر" فجعلت قوتي اقتصاراً على أن يشتري لي بدرهم من الشعير الفرق فيطحن ويخبز لي فأفطر عند السحر كلَّ ليلة على أوقية واحدة بحتاً بغير ملح ولا إدام فكان يكفيني ذلك الدرهم سنة.
ثم عزمت على أن أطوي ثلاث ليال ثم أفطر ليلة ثم خمساً ثم سبعاً ثم خمساً وعشرين ليلة.
وكنت عليه عشرين سنة. ثم خرجتُ أسيح في الأرض سنين ثم رجعت إلى "تُستر" وكنت أقوم الليل كله.
وتُوفي كما قيل سنة: ثلاث وثمانين ومائتين وقيل: ثلاث وسبعين ومائتين.
المزيد |